الاستعمال للدال على العام في الخاص; وحيث لا تجوز إلا بالأعم في المجاز المشهور المستغني عن القرينة، فلابد من الالتزام بالوضع وأن المحتاج إلى القرينة غيره.
{اختلاف المعني في الشرائع لا ينفع في إثبات الحقيقة الشرعية} ثم إن الظاهر عدم الفرق في النزاع في ثبوت الحقيقة الشرعية بين اللغات، ولا بين الأديان، إلا في الاختلاف في الخصوصيات المقومة للثابت في الشرع الخاص في قبال المعنى اللغوي; فعلى الثبوت، يكون الوضع في عرف الإسلام، لما اشتمل على خصوصيات مغايرة لها في عرف اليهود مثلا، لا المشترك فيه بين الشرائع.
وعليه: فمخالفة اللغة أو الشريعة فيما يعتبر في العبادة الخاصة، لا أثر لها في منع الحقيقة الشرعية; وإنما النزاع، في أن التسمية في كل شريعة على الحقيقة أو المجاز; وإن كان على التقدير الأول يحمل اللفظ في كل شريعة - إذا صدر من أهلها - على الثابت عندهم مما يغاير المعنى اللغوي; وإنما يحمل على اللغوي لو لم يثبت وضع الشارع، وإلا فنفس صدور اللفظ من الواضع لغرض الإفهام بلا قرينة - كقرينة المجاز - يعين المعنى الموضوع له شرعا، لأن الواضع هو اللافظ فرضا، ولا فرق بين الواضع الأصلي ومن يجري مجراه في هذه الجهة.
{تحقق الوضع بالاستعمال وشرائطه} وأما الوضع بالاستعمال، فهو وإن كان ممكنا إلا أنه لابد عليه من دليل، إذ لا يكفي مجرد الاستعمال في الدلالة على الوضع الاعتباري كما مر، وهذا لا يختص بالمقام.