فإذا لم يكن تاما في نفسه، لم يصلح للمانعية عن التام في نفسه; فأحدهما حجة في نفسه بلا معارض يكون حجة في نفسه وذاك غير حجة في نفسه، لا أنه ساقط بالمعارضة.
ويؤيد ذلك ما اشتهر من أنه ما من عام إلا وقد خص; فإنه يكشف عن رجحان التخصيص بالغلبة على المجاز مع كثرته أيضا.
ثم إنه إذا بلغ التخصيص حد الاستهجان بالكثرة أو غيرها، قدم عليه المجاز للزوم إلغاء العموم بالتخصيص ولا كذلك التجوز الموجب لاستحسان الكلام، وإذا كان أحد التصرفين ملغيا للدليل دون الآخر قدم ما لا يلزم منه إلغاء دليل بل عدم لغويته رأسا عقلا دليل على التصرف الغير الملغى له.
فصل {في تعارض التخصيص والإضمار} إذا تعارض التخصيص والإضمار - كما في «أكرم العلماء» و «لا تكرم زيدا العالم» - فإنه يخرج من التخصيص إلى التخصص لو قدر والد «زيد» أمكن ترجيح التخصيص، لأن أصالة العموم متوقفة على عدم البيان المتوقف على الإضمار المتوقف حيث لا قرينة عليه إلا أصالة العموم عليها، فيدور.
وبالجملة: فهو صالح للبيانية ولا يخرج عنها إلا بالإضمار الذي لا قرينة عليه ولا شاهد له إلا أصالة العموم، فيتوقف ثبوتها على نفسها.
ويمكن الترجيح بتقدم التخصيص على المجاز المساوي على ما اخترناه للإضمار، ويزيد وضوحا لو قيل بتقدم المجاز على الإضمار أيضا.