الاستناد إلى القرينة، ولا يلزم القطع الذي ربما يحصل من تتبع الاستعمالات واستقرائها إلى حيث يحصل القطع من شهادة بعضها لبعض، بكون الانفهام من حاق اللفظ; فلابد من المسبوقية بالوضع التعييني أو التعيني; فإن الظهور، من الظنون النوعية المعتبرة عند عرف العقلاء; ولا فرق في ذلك بين أن يكون هذا الظن ناشئا من ملاحظة توافق أهل اللغة، أو مشاهدة التبادر عند أهل اللسان في قراهم، أو ملاحظة «القرآن الكريم» وكلمات النبي وآله صلى الله عليه وعليهم، الذين هم أفصح العرب، وشعراء المتقدمين من العرب مثلا.
ودعوى المنع من حصوله من كتب اللغة، غير مسموعة، خصوصا ما تضمن منها الاستشهاد بأشعار العرب وكلمات فصحائهم وذكر أمثالهم، بل تمييز المجاز من الحقيقة في بعضها ك «أساس البلاغة»، دون ما يحصل منها مجرد العلم بالاستعمال الذي هو أعم من الحقيقة.
{جواب إشكال الدور في التبادر} وتوقف التبادر على علم أهل اللسان بالوضع، لا يوجب الدور، لعدم توقف علم الجاهل بالوضع على التبادر عنده، إذ العلامة للجاهل; وانسباق الذهن، من العالم بالوضع.
وأما دفع الدور - بأن الموقوف، العلم التفصيلي بالوضع والموقوف عليه، العلم الإجمالي الارتكازي من أهل المحاورة - فيمكن إصلاحه: بأن الانفهام التفصيلي المستلزم للعلم التفصيلي، يكشف عن سبق الارتكاز المنسي الذي يتنبه له الإنسان بعد التأمل.
ويمكن المناقشة فيه: بأنه إن كان من التذكر بعد النسيان، فليس من أمارية العلامة وإيجابها العلم التفصيلي.