الفصل الرابع في نسخ الوجوب إذا نسخ الوجوب بدليل دال على رفعه في زمان، فهل يرتفع ما سوى المنع من الترك، كالطلب والإذن، أو لا؟
{مقتضى دليل المنسوخ والناسخ} يمكن أن يقال: بأن الدال على الوجوب إنما دل على ثبوته بصورته الواحدة، ولو كان - مركبا كتركب الإنسان من الجزئين - فارتفاع هذه الوحدة الحاصلة بالتركيب كما يكون مع ارتفاع كلا الجزئين، يكون مع ارتفاع ما هو كالفصل فقط، ولا مرجح لأحدهما ولا دليل على نفيه أيضا; فكل من الثبوت والانتفاء محتاج إلى دليل آخر غير دليل الناسخ والمنسوخ، بمعنى أن دليل المنسوخ أفاد شيئا أزاله دليل الناسخ.
ومنه يعلم: أنه لا وجه لدلالة دليل الناسخ على بقاء شيء، وإنما الممكن بقاء دلالة دليل المنسوخ على غير ما أزاله بخصوصه دليل الناسخ.
وأما لو كان الوجوب بسيطا، فارتفاعه لا يبقى معه شيء; فاحتمال ثبوت الطلب أو الجواز بعد حدوث الوجوب وزواله - كاحتمالهما قبل حدوث الوجوب - لا مساس له إثباتا أو نفيا بدليل الوجوب، كي يكون له المساس بدليل الزوال، يعني أن يكون إثباته بدليل الإيجاب ونفيه برفعه.