وقد عرفت أن أدلة الامتناع مدخولة، بل مر إرجاع الاستعمال في الأكثر مع القرينة إلى تعدد الدال والمدلول.
فاتضح أن التثنية - في الأعلام وغيرها - بوضع واحد، إلا أن تعدد المعنى في الأعلام متعين، وفي غيرها محتمل محتاج إلى القرينة.
إلا أن يقال: لو كانت قرينة على تعدد المعنى في غير الأعلام، فلا حاجة إلى أداة التثنية، وإلا فلا فائدة لها.
فإنه يقال: إن الأداة تفيد التعدد والقرينة تفيد أن التعدد في المعنى، لا للمعنى الواحد; فالتثنية مشتركة حتى فيما كانت المادة مشتركة ولم يرد منها المعاني المتعددة.
{قصد المعنى حال قراءة القرآن الكريم} بقي الكلام فيما ورد من قصد المعاني في القراءة وغيرها من «القرآن»، كما هو الظاهر من رواية (1) شرح الفاتحة وتقسيمها أقساما ثلاثة. وقوله تعالى في بعض الروايات: «قولوا يا أيها العباد» (2)، لا يعارض ذلك، لوضوح عدم إرادة القول في غير الصلاة ولا في مقام غير القراءة.
وقد يتفصى عن الإشكال - بناء على الامتناع - بإرادة حكاية لفظ «القرآن» بالقراءة وإرادة المعاني بالألفاظ المحكية دون الحاكية; فهناك استعمالان طوليان وإن كان المحكي كلام الله تعالى، لا القاري; فإن له إرادة معنى القران به مالم يكن محالا; وكذا في مثل حكاية قصيدة «امرء القيس» في الأبيات المناسبة لإرادة المعنى.