هيئة «فاعل» الشيء المنسوب إلى الفعل، وكذا المفعول، مع اختلاف كيفية النسبتين.
وأما كون النسبة التي هي مدلول الحرف، ربطا اعتباريا انتزاعيا; فلمكان أنه يحدث بين المعروض والعرض، شيء يعتبر بسبب الاتصاف الواقعي على نحو واقعية الطرفين، ربطا واتصالا بينهما، كما يتصل الشيئان بسبب ضم أحدهما مع الآخر; فالرابط الجوهري هو المعتبر فيما بين العرض وموضوعه في حال الاتصاف.
وحيث إن تحقق الربط على طبق تحقق الطرفين، فقد يكون أشد مما بين الجوهرين، كما بين الشيء وعلل قوامه، أو بعضها، كما بين الإنسان والناطق أو الحيوان الناطق.
{تفرقة بين مدلول المشتقات وهيئتها} والذي ينساق إليه النظر الدقيق، أن المشتق - على اختلاف أنحائه، أعني الفاعل والمفعول والماضي والمستقبل والمصدر - يدل بمادته المشتركة بين جميع الصيغ، على ما هو من الأعراض المغايرة تحصلا مع الجواهر، ولا يمكن حملها على الجواهر إلا بضرب من التأويل والتجوز كالمبالغة; ويدل بهيئته المشتركة بين جميع الصيغ على النسب المختلفة فيها المتحققة في الاعتبار بين طرفين، أحدهما المعروض والآخر العرض.
كما أن خصوصية مدلول الهيئة - أعني النسبة الخاصة - بخصوصية نفس الهيئة الخاصة; فهيئة «ضرب» تدل على النسبة الماضوية مثلا; والمضارع على النسبة التلبسية; وهيئة «فاعل» تدل على النسبة، وفيها زيادة مادية تدل على الذات المنتسبة بتلك النسبة، وهذه الزيادة موجودة في «يفعل» وفي «مفعول»، فهي الموجبة لصحة الحمل على الذات.