وحيث إن النسخ دفع لبا - وإن كان رفعا صورة - فهو دفع الإطلاق الزماني ويكون معه دليل المنسوخ غير مطلق لما بعد الزمان الخاص، فهو فيما بعد الغاية كنفسه مع فقد سائر القيود الذي يستفاد من دليل التقييد وحدة المطلوب.
ولا يمكن استفادة المطلوبية بمرتبة ضعيفة لفاقد القيد إلا بدليل آخر، كدليل القضاء، أو يكون عموم للدليل شامل للكل بحيث يعلم بأن البلوغ قيد للوجوب لا نفس المطلوبية العامة، لا مع عدم العموم أو عدم خصوص التقييد، بل كان الظاهر رجوع القيود إلى نفس المطلوبية بحيث يكون المقيد واجبا على البالغ، مستحبا من المميز الغير البالغ، لا أن الواجب مختلف مع المندوب تقيدا.
{استصحاب كلي الطلب} هذا بحسب الدليل، وأما الأصل، فلا مانع من استصحاب كلي الطلب من القسم الثالث، بناء على أن الوجوب والاستحباب من مراتب طلب واحد زال فرده، أعني مرتبته الأكيدة، وشك في بقائه بمرتبة ضعيفة مقارنة لارتفاع القوية، بل يمكن استصحاب الشخص، لأن المتيقن زوال حد الشخص لا أصله، فيستصحب الطلب الزائل مرتبته مع احتمال بقائه بمرتبة اخرى يراها العرف بقاء ما كان.
والشك في المقتضى إن منع هنا، منع عن استصحاب الحركة فيما لو دامت، لبقيت بمقتض ضعيف; بل لو كان المدرك بناء العقلاء أو الظن الاستصحابي فهو حاصل في المقام، إذ الغالب عدم انقطاع الحركة الغير الاختيارية آنا بتاتا، بل تمحو تدريجا شيئا فشيئا. وقد سبق الكلام فيه في الاستصحاب.
وأما منع المراتب في الاعتباريات، فقد ذكرنا أن مراتبه باعتبار مراتب المعتبر - بالفتح - لا محذور فيه، وكذا الإرادة والكراهة الملزومتان للبعث والزجر.