الآخر والملحوظ في أحدهما غير الملحوظ في الآخر; والأول إنشائي اعتباري، والثاني فعلي تكويني; ويمكن إنشاء الأول بالثاني مع القرينة المصححة الكاشفة عن تحقق الأول إعتبارا، ولذا صح الثاني تكوينا ولم يكن غلطا ولا مجازا.
ويمكن دعوى غلبة الوضع بالاستعمال في الأوضاع في اللغات، وأنه لم يعهد وضع لجميع ألفاظ لغة واحدة لمعانيها معا أو مع التعاقب، فضلا عن مجموع اللغات، وإنما تعاقبت بتعاقب الاحتياجات الداعية إلى الاستعمال وما يتوقف عليه من الوضع; ولعل منشأها تعليم الأسماء للبشر الذي أصله واحد معلم ملهم بالكل.
{مناقشة في الجواب بتغاير الملحوظ} [هذا] مضافا إلى ما افيد، من أن الملحوظ في الوضع طبيعي اللفظ، وفي الاستعمال شخصه، ولا اجتماع للحاظين في واحد، وإن كان فيما مر كفاية; فإن مصحح الاستعمال الوضع المكشوف به، ولا يكون إلا متعلقا بالطبيعي وإن كان الكاشف الشخص.
مع أنه يمكن أن يناقش فيه: بأن اللحاظ المصحح للاستعمال سابق عليه رتبة، متعلق بطبيعي اللفظ، وإنما يتشخص بنفس الاستعمال، لا في مرحلة لحاظ الطبيعي المؤثر في إيجاد شخصه; واللحاظ المقارن للاستعمال أو المتأخر عنه وإن تعلق بالشخص، إلا أنه ليس مصححا للاستعمال ومشروطا به الاستعمال; فقد يكون اللفظ في حال تحققه مغفولا عنه رأسا، غير ملحوظ أصلا، وقبل الاستعمال لا يمكن لحاظ الشخص في الأذهان العادية، وإنما الشرط، اللحاظ المتعلق بالطبيعي، المؤثر في إرادة إيجاد شخصه، فتدبر.