بل لو تم الإشكال لم يجز الاستعمال في الواحد ولا يصححه تعاقب الاستعمالين وتعددهما، لأن اللفظ بنوعه لا يكون عين معنى تنزيلا وعين آخر كذلك، لتبعية التنزيل للواقع، فيلزم إمكان اتحاد المتعدد الواقعي في الواقع.
والحل: أن اللفظ جزء الدال المعتبر تنزيلا، وجودا للمدلول مع ضم القرينة، ولا مانع من جزئية واحد لدلالتين، كما أن «زيدا» واحد خارجي ومتعدد بالعرض والاعتبار; فيصدق «الشاعر» و «الكاتب» و «الفقيه» و «الطبيب» و «النحوي» بانضمام مبادئ متعددة يصح بلحاظها عناوين عرضية متعددة لموضوع واحد خارجي وتصدق عليه جميعها.
فتحصل: أن اتحاد ما بالعرض مع تعدد ما بالذات، لا مانع منه إذا كان الاتحاد بحيثيتين متعددتين; بل الدال على كل واحد من المعنيين، مركب من جزئين أحدهما اللفظ، وبضميمة قرينة تعين واحدا، وبضم قرينة تعين المعنى الآخر; والشاهد حصول الانتقال، وهو أخص من الإمكان; فإن المفروض وفاء مقام الإثبات بإفادة ذلك بالقرائن، وإنما الإشكال في مقام الثبوت.
{تقرير دعوى الاستحالة بالقول بالفناء والمناقشة فيها} وأما دعوى استلزام الاستعمال فناء اللفظ في المعنى ورؤيته عينه ولا يمكن رؤية الشيء شيئين، فكأنها ترجع إلى دعوى الوجدان.
ويمكن تقريرها بنحو ترجع إلى البرهان، بأن يقال: اللفظ فان في المعنى بنظر المستعمل، وبينهما الهوهوية في نظره التابع لنظر الواضع، والمعنى لا اتحاد بينه وبين المعنى الآخر، لعدم الجامع الموجب لاتحاد ما; فاللفظ لا يمكن وحدته مع المعنى الآخر مع هذه المغايرة لما اتحد به.