نعم، لو أتى بمفاده قبل وصوله مع تمشي القربة في العبادة كان مجزيا أيضا، لعدم إمكان إفادته للأمر بالإعادة وعدم وقوع أمره بها في صورة العمل على طبق الأمارة. وأما لو أتى بخلافه الواصل حين الإتيان فلا مخالفة للعمل مع الأمر الواصل في حد وصوله، والوصول المتأخر لا يجعل اللاوصول المتقدم وصولا في زمان العمل; فلا وجه للإعادة لا ملاكا ولا أمرا، بلا حاجة إلى الالتزام بالسببية; فوصول الأمر ثانيا - بخلاف الأول - يجامع قصر التنجيز في التكاليف الابتدائية والعموم للإعادة ويتعين فيما قدمناه بمقتضى قاعدة التحسين الحاكمة بأن حكم الواصل من حين الوصول فقط; فلا فرق في استفادة الإجزاء بين مسلك الإرشاد المحض تصويبا عقلائيا أو تخطئة عقلائية في عمل الناس بدون تعبد رأسا، أو الالتزام بجعل الحجية، المفيد لحكم طريقي أو نفسي.
ودعوى أنه مع الطريقية، لا شيء في المؤدى، غفلة عن أن الواقع بعدم وصوله أيضا لا شيء ما دام غير واصل; اتفاقا، وإنما الاختلاف في مقدار تشيئه بعد وصوله بعد العمل فيما وصل، وأن مورد المخالفة غير منجز بعدم وصوله في جهات النفسية والغيرية، لا بوصول المخالف.
{المصلحة السلوكية لا تصحح الإجزاء} وأما تقرير «المصلحة السلوكية» في جعل الحجية للأمارات المخالفة، فهو - على تقدير تماميته - لا يثبت الإجزاء، لعدم تفويت الطريق إلا لما كان في زمان الجهل وهو زمان جعل الحجية له، ولا مصلحة إلا فيما به التفويت فرضا; فالإعادة بعد الكشف وكذلك القضاء بعده، لم يفت بالطريق مصلحتهما الموجبة لهما.
[و] الظاهر بعد التأمل، أن التكاليف المنشأة بداعي الإيصال لترتيب الأثر،