موضوعات المسائل لا في موضوع العلم، لكن البحث عن وثاقة الرجال، بحث عن تحقق أخبار الثقة بإخبار «فلان» مثلا; فيكون - كالبحث عن تحقق الظهورات في مباحث الألفاظ - بحثا عن تشخيص الحجة.
والذي يسهل الخطب، كثرة مسائل الرجال المقتضية لأن لا يعامل معها معاملة باب من الاصول، وقلة مباحث الدراية المقتضية لعدم الفرق بين درجها في الاصول أو في الرجال، لمناسبته معهما، أو إفراده عنهما.
ودعوى كون الاصول جزءا أخيرا للاستنباط - كما ترى - لا تخلو عن الإجمال، إلا بما يظهر مما مر من الإشارة إلى أن التمكن الخاص الحاصل من مباحث الاصول، كتمكن النحوي من حفظ اللسان عن الخطأ في إعراب الكلمة وبنائها.
وذلك، لأن القواعد الكلية النظرية الممهدة لاستنباط الأحكام الفرعية برد الفرع إلى الأصل، منحصرة في علم الاصول، وينحصر فيها علم الاصول، فلا يحتاج إلى جامع مانع غير ذلك. ومنه يظهر تعريفه الخاص به.
نعم لا ترفع الحاجة مطلقا في الاستنباط، بسائر العلوم، فهي لتحصيل التمكن المفقود مع سائر العلوم المعهودة; فالحاجة للمستنبط ماسة إلى الاصول، وإن حصل سائر العلوم سائر ما يحتاج إليه المستنبط.
{المتحصل من البحث في موضوع العلم} فقد تحصل مما قدمناه: أن تحصيل الجامع الموضوعي بين موضوعات مسائل العلم، من لزوم ما لا يلزم; وأن المناسبة المصححة لجمع مسائل خاصة وفقد غيرها فيها، هي الداعية إلى تدوين علم خاص; وأنه يكفي فيها الاشتراك في الموضوع بحيث تكون الواسطة كالعدم، ويكون العروض لذيها حقيقيا وذاتيا،