هذا كله على تقدير كون الجامع على الصحيح ما وجهنا تحصيله فيما سبق، وجه اختياره، وإن قيل بأولوية البراءة أو تعينها على سائر الوجوه.
{أدلة القول بالوضع للصحيح} ثم إنه يمكن الاستدلال للوضع للصحيح بوجوه:
منها: «التبادر»، ولا ينبغي إنكاره، لأنه المرتكز في أذهان المتشرعة في محاوراتهم، المشتملة على تلك الأسامي. والعلم الإجمالي بأن المراد هو الصحيح التام، لا ينافي الجهل التفصيلي بما به الصحة والتمامية، كما هو أظهر من أن يخفى; فلا ينافي دعوى التبادر، الاعتراف بالإجمال.
ومنها: «الطريقة العقلائية» في الأوضاع المتبعة لولا الصارف القطعي، للقطع بوحدة الداعي والمصلحة، لاستواء الطريقة بين الشارع وغيره من العقلاء، وبأنه لو كان للشارع طريقة مخالفة، نبه عليها، كما هو ديدنه في جميع موارد المخالفة، وهذا أيضا لا ينبغي إنكاره لغير المكابر. وسيأتي - إن شاء الله تعالى - ما يرجع إلى تكميل هذا الوجه وما فيه من التفصيل.
ومنها: «صحة السلب» عن الفاسد; فإنه لا وجه للسلب في قبال الحمل الشائع مع الوضع للأعم المتحد وجودا مع كل صحيحة وفاسدة; كما أن صحة الحمل على الصحيحة تدل على الوضع للجامع بين المراتب الصحيحة; وأما صحة الحمل الأولي على الصحيح، فلا معنى لها.
ولا يخفى أن السلب المقابل للحمل بنحو الاستعمال، لا يقتضي عدم الوضع للأعم، كما أن التبادر لا يقتضي الوضع للصحيح، إلا مع الاستعمال في خصوصه وصحته على الشيوع، بلا حاجة إلى القرينة و [ليس هكذا] كذا التبادر الاطلاقي، فإن الأول لا منشأ له إلا الوضع للصحيح.