{المقدمة الأولى} 1 - منها: أن البحث عن الحقيقة والمجاز - كما هو ظاهر العناوين - بحث عن الوضع والظهور، ومباحث الظهورات كلها من مسائل الاصول على ما حررناه سابقا; فلا فرق بين البحث عن ظهور الأمر أو النهي في الإيجاب والتحريم وظهور المشتق في خصوص المتلبس، في كونهما باحثين عن تشخص الحجة في الفقه وتحقق الظهور الذي هو الحجة; وحيث لا يبحث عنه في علم آخر، فلا وجه لجعله من المبادئ، وجعل البحث في الأوامر وما بعدها خاصة من المسائل.
{النزاع في المسألة ليس في صحة الإطلاق وعدمه} ومما ذكرنا ظهر: أن النزاع في أن الاستعمال في غير المتلبس - أي فيما انقضى عنه المبدء - حقيقة أو مجاز، ليس نزاعا في صحة الإطلاق، بعد الفراغ عن الوضع والاستعمال; حيث إن استعمال العام في الخاص مجاز وإطلاقه عليه حقيقة، لأن الاستعمال في القدر المشترك الذي وضع له اللفظ وانطباقه على الفرد، عقلي وليس استعمالا آخر.
لكنه على القول بالوضع لخصوص المتلبس، لا يمكن الفرار عن المجازية بالعدول عن الاستعمال إلى الإطلاق، لأنه لابد من الاستعمال إما في الخاص - أي خصوص ما انقضى عنه المبدء - ولا يكون إلا مجازيا; أو في المشترك، وقد فرضنا عدم الوضع له.
ولا يمكن إخلاء اللفظ عن المستعمل فيه; فلا محل لصحة الإطلاق بعد فرض الوضع لخصوص المتلبس بنحو لا يتأتى فيه التجوز، كما لا يخفى.