الحمل على الحقيقة، فالحمل على غير الأقرب يتوقف على الصارف عن الأقرب، كما أن الحمل على المجاز يتوقف على الصارف عن الحقيقة; فالأصل العقلائي في الأقرب موجود، كما في الحقيقة، والصارف عنه بيان الأبعد، كبيان المجاز في قبال الحقيقة.
وهذا الأصل العقلائي - كأصالة الحقيقة - صالح للبيانية الرافعة لمقدمات الحكمة في العام، فيتقدم التخصيص على ما يخالف هذا الأصل من الحمل على أبعد المجازات.
هذا فيما لم يكن المجاز الأبعد من قبيل سبك المجاز من المجاز، وإلا فنفس أصالة الحقيقة بالمعنى إلى المعنى الحقيقي للقرينة اللفظية لو كانت، أو للفظ منضما إليها، جارية وبها تنحل المقدمات المحققة للعموم، فتدبر.
فصل {في إمكان الترجيح بالغلبة وأمثالها وعدمه} هل يجوز الترجيح بين الأحوال المتعارضة في الألفاظ بالغلبة وغيرها من الظنون التي لم يقم على اعتبارها دليل خاص في الترجيح بها أو لا؟
يمكن أن يقال: إنه إذا رجع الظن الحاصل من الغلبة أو غيرها إلى أقوائية أحد الكاشفين الظنيين عن المراد في جهة الكشف عنه، فالترجيح بها ثابت عند العقلاء مقرر في الترجيح في سائر الأمارات المتعارضة شرعا، كما يستفاد من قوله (عليه السلام):
«المجمع عليه لا ريب فيه» المستفاد منه: أن الأقل ريبا، يقدم على الأكثر ريبا.
مع أن الأصل في المتعارضين لو كان هو التخيير، فأنما هو مع عدم المرجح في جهة الحجية وملاكها وهي الكشف عن الواقع، وإلا فالراجح من المتخالفين