وسواء رجعت [هذه الدعوى] إلى الوجدان - كما قدمناه - أو إلى البرهان بهذا الوجه، فيمكن أن يقال فيها: إن الفناء في المعنى الواحد، لازم فرض الاستعمال في الواحد خاليا عن الشريك، فهو من الضرورة بشرط المحمول، وأما إذا استعمل في الأكثر، فالمفني فيه مجموع الأكثر، لا كل واحد. وترتب الحكم على الكل غير تعلق اللحاظ بكل، كما إذا لم يكن غيره ملحوظا، فتدبر.
والشاهد وقوع هذا الفناء في الدلالة التصورية، ولا فرق بينها وبين التصديقية إلا في النسبة إلى إرادة اللاحظ، وموضوعية المراد للحكم، لا في نفس معلول الوضع وما يرجع إلى تصور المعنى.
فدعوى استحالة الدلالة التصديقية مع اشتراكها مع التصورية، ووجدانية وقوع التصورية، استنادا إلى أن الفناء في الشيء وفيما يباينه وقد لا يكونان تحت جامع واحد، في قوة فناء شيء في شيء وعدم فنائه فيه، مدفوعة بما مر من أن الفناء في الواحد في حال الانفراد، لا يستلزم الفناء فيه في حال الاجتماع، بل في المجموع، وإن كان كل جزئيه على نحو لو كان وحده، لكان اللفظ مرآة له; بل مر أن اللفظ علة لحضور مدلوله المراد في ذهن السامع بحضور اللفظ، كان المراد واحدا أو متعددا، والفرض كفاية القرينة للإثبات على تقدير إمكان الاستعمال، فلا تغفل.
وعلية العلة المعدة الناقصة الواحدة، لشيئين، أي لحضورهما في ذهن السامع بالفعل، كما كان بالقوة بالوضع، لا يجري فيها برهان امتناع صدور الكثير من الواحد.
{تقرير الإشكال في الإنشائيات ودفعه} وأما ما يجري في الإنشائيات في وجه الإشكال، فهو الذي يجري نظيره في