{عقلية الدلالة على المرة} وعليه: فالدلالة على المرة الغير المتجاوزة عن الطبيعة، عقلية لا لفظية; فإنها لازمة عقلا للدلالة التامة على نفس وجود الطبيعة.
ويتضح ذلك، بملاحظة الدوال الغير اللفظية كالإشارة; فلا يحتمل تعلقها بغير وجود الطبيعة، ولا بقائها إلى الوجود المتأخر في الدفعات المنفصلة، ولا إلى ثاني الوجودين من أفراد طبيعة واحدة أمر بها; وليس الوضع إلا تنزيلا للدال عقلا وعرفا تكوينا، لا جعلا ووضعا، فالمدلول فيهما واحد.
وعليه: فالدلالة على المرة تقريبا توافق الدلالة على الطبيعة، وهي فيهما عقلية محتاجة إلى مقدمات الحكمة لا لفظية، إلا على نحو الظهور الإطلاقي; فإن مصبه اللفظ، والحاجة إلى المقدمات العقلية واضحة.
{جواز تبديل الامتثال مع بقاء العنوان} ثم إنه لا إشكال في جواز تبديل الامتثال مع التحفظ على هذا العنوان; فإنه بمنزلة إعدام ما أتى به أولا، فتعود الحاجة والمصلحة الداعية إلى البعث الوجوبي فيما لم يكن مانع آخر من الإعدام، كالتصرف في ملك غير المأمور; كما إذا أمر بإحضار الماء للشرب، فأحضر كأسا ثم أخرجه في الوقت وأتى بكأس آخر أفضل أو مساو للأول لغرض آخر يرجع إلى المأمور أو إلى الآمر.
ولا ينافي ذلك ما افيد: من أن الغرض، التمكن من الشرب مثلا، فمع حصوله يسقط الأمر، فلا محل له ثانيا، إذ مع عدم بقاء التمكن وجواز إعدامه بقاءا من المأمور وفعله، تعود الحاجة; وكما أن فقد المصلحة حدوثا علة للأمر، فكذا بقائا بأي سبب كان إذا فهم المصلحة والحاجة ووجودها وعدمها حدوثا أو بقاء.