قاعدة التحسين والتقبيح بالوصول واللاوصول.
ويرشد إلى ما ذكرناه، نداء روايات الإمضاء بالإرشاد إلى ما عليه العقلاء في الطرق الموثوق بها عند العقلاء، مثل قوله (عليه السلام): «لاعذر لأحد في التشكيك» فيما يرويه عنا ثقاتها (1) وقوله تعالى:) أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ((2)، فهل ترى العقلاء في أوامرهم وأحكامهم يتعبدون هذه الطريقة أو أن الشارع مبتكر بهذه الطريقة، وكذا في الردع عن القياس إرشادا إلى الاعتماد عليه في التعبديات الغير المعلوم ملاكاتها وأنها تقوم بأي واحد من الأشباه في الصورة، فلا اختراع لهم في الردع عنها، بل غير الموثوق به مردوع عنه عند العقلاء أيضا.
وعليه، ففي مورد المصادفة الغالبة فمؤدى الطرق نفس الواقع، وفي مورد المخالفة فالواقع غير منجز بنفس عدم الوصول، بلا حاجة إلى وصول الخلاف; فحيث إنه غير واصل، فلا يتنجز هو في نفسه ولا يتنجز ارتباط الواصل به; فالقدر الواصل له مصلحة الواقع، والفائت لا يضر فوته لعدم الوصول لما تقوم به نفسيا ولا شرطيا، فحيث إن الأمر في تقدير عدم الوصول، بخصوص الواصل، فانكشاف المخالفة في الوقت بعد العمل بالامارة، لا يوجب انكشاف عدم الأمر في موضوع عدم الوصول، بل يكشف عن الأمر بعد الوصول لغير العامل.
وأما العامل فقد أتى بالمأمور به حال العمل، وزواله بعد حدوثه لايضر بصحة ما وقع من العمل، لمطابقته للأمر وحصول مصلحة المعلوم وعدم إضرار عدم حصول مصلحة غير المعلوم، ووصول المخالف في جهة الخلاف لا ينجزه إلا من حينه.