مثال لذلك ما نقله الشريف الرضي قدس سره في نهج البلاغة: أنه سئل علي عليه السلام عن قول الرسول صلى الله عليه وآله: " غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود "، فقال عليه السلام:
" إنما قال صلى الله عليه وآله ذلك والدين قل، وأما الآن وقد اتسع نطاقه، وضرب بجرانه، فامرؤ وما اختار " (1).
فإن المصلحة كانت تقتضي أن يخضب المسلمون لحالهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كي لا يبين عليهم الشيب فيستهين بهم العدو وهم آنذاك قل، أو لكي لا يشتبهون باليهود، وأما في زمنه عليه السلام حيث كثر المسلمون ولم يكن مورد لتلك المحاذير فلا ضرورة في ذلك، فامرؤ وما اختار من الخضاب أو عدمه.
ومن هذا القبيل المعاهدات والقرارات التي تنعقد بين ولي أمر المسلمين وغيره، فإن قرارا قد يكون في صالح المسلمين في زمان بينما يكون في ضررهم في زمان آخر.
وقد تدخل هذه الموارد في " منطقة الفراغ " التي يكون للاجتهاد فيها دور هام جدا.
ولا يتوهم أن تحليل مثل الميتة والخمر للمضطر من هذا القبيل، فتكون حرمة الميتة - مثلا - من القوانين المتغيرة.
لا، ليس الأمر كذلك، لأنه ما من حرام إلا ويحلله الاضطرار، فيكون الاضطرار من القوانين الحاكمة على كل القوانين مثل قاعدتي " لا ضرر " و " لا حرج "، فهي تغير القوانين الثابتة أيضا في ظروف خاصه كما سيأتي بيانه.
ثانيا: انقسامها إلى منصوصة وغير منصوصة:
إن الأحكام الشرعية قد تكون ورد فيها نص خاص وقد لا تكون كذلك، والنص الوارد تارة يشمل المورد بخصوصه بمعنى أن النص وارد في خصوص ذلك