أما شمولها لجميع أفراد الإنسان، فلأنها لم تختص بزمان دون زمان، ولا بأمة دون أمة، ولا بشعب دون شعب، ولا بقوم دون قوم، ولا بطبقة دون طبقة، بل هي شريعة أنزلها الله لجميع أفراد الإنسان: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (1)، وهي خاتمة الشرائع، ومن لوازم الخاتمية أن لا تختص بزمان معين ولا بطبقة معينة.
وأما شمولها لجميع أحوال الإنسان، فلأنها لم تترك جانبا من جوانب حياته إلا واستوعبته كمال الاستيعاب، لأن الإنسان - طبقا لفلسفة التكوين - له جانبان:
1 - جانب فكري، وهو معتقداته.
2 - جانب عملي، وهو سلوكه العملي.
ولذلك يحتاج الإنسان إلى شريعة تستوعب الجانبين: الفكري والعملي معا، والشريعة الإسلامية هي الشريعة القادرة على استيعاب هذين الجانبين بصورة كاملة وصحيحة.
أما في البعد الفكري، فإن العقيدة تكون قسما كبيرا من الإسلام، كالاعتقاد بالمبدأ والمعاد وحاجة الإنسان إلى الهداية وسد تلك الحاجة عن طريق بعث الأنبياء، وما يتعلق بذلك من أبحاث ومعتقدات.
وأما في البعد العملي والسلوكي، فلم تدع الشريعة تصرفا من تصرفات الإنسان إلا وأصدرت فيه حكما إلزاميا أو غير إلزامي، سواء في حقل الأخلاق أو في حقول أخرى.
وأما الأديان والمدارس الوضعية الأخرى، فإنها إما أن اعتمدت على الأخلاق وتركت المجتمع هو الذي يبتكر لنفسه نظاما اجتماعيا، وإما أن عكست الأمر فتركت الأخلاق رأسا.
ولكن الإسلام جمع بين الثلاثة: العقيدة والأخلاق والنظام، وأوجد منها كتلة