وبين أدلة البراءة.
نعم يظهر من الشيخ التردد بين كونها كذلك - أي دالة على الاستحباب الشرعي - أو كونها إرشادا إلى حكم العقل بحسن الاحتياط، واختار المحقق النائيني كونها إرشادا إلى حكم العقل. قال الشيخ:
" لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلا ونقلا كما يستفاد من الأخبار المذكورة وغيرها.
وهل الأوامر الشرعية للاستحباب فيثاب عليهما وإن لم يحصل به الاجتناب عن الحرام الواقعي، أو غيره، بمعنى كونه مطلوبا لأجل التحرز عن الهلكة المحتملة والاطمئنان بعدم وقوعه فيها، فيكون الأمر به إرشاديا لا يترتب على موافقته ومخالفته سوى الخاصية المترتبة على الفعل أو الترك، نظير أوامر الطبيب، ونظير الأمر بالإشهاد عند المعاملة لئلا يقع التنازع؟ وجهان... ".
ثم ذكر تفصيل الوجهين ورجح كون الأوامر بالاحتياط إرشادا إلى حكم العقل بحسن الاحتياط. ثم قال بعد ذلك:
ولا يبعد التزام ترتب الثواب عليه، من حيث إنه انقياد وإطاعة حكمية، فيكون حينئذ حال الاحتياط والأمر به حال نفس الإطاعة الحقيقية والأمر بها، في كون الأمر لا يزيد فيه على ما ثبت فيه من المدح أو الثواب لولا الأمر.
هذا، ولكن الظاهر من بعض الأخبار المتقدمة مثل قوله عليه السلام: " من ارتكب الشبهات نازعته نفسه إلى أن يقع في المحرمات "... هو كون الأمر به للاستحباب، وحكمته أن لا يهون عليه ارتكاب المحرمات المعلومة، ولازم ذلك استحقاق الثواب على إطاعة أوامر الاحتياط مضافا إلى الخاصية المترتبة على نفسه " (1).
وقال المحقق النائيني قدس سره: " لا إشكال في رجحان الاحتياط عقلا في جميع أقسام الشبهة التحريمية والوجوبية الحكمية والموضوعية.
وفي استحبابه الشرعي من جهة أوامر الاحتياط إشكال، لاحتمال أن تكون الأخبار الواردة في الباب - على كثرتها - للإرشاد إلى ما يستقل به العقل من حسن الاحتياط تحرزا عن الوقوع في