الموقف العملي تجاه الشريعة على طريق إقامة الدليل على الحكم الشرعي، أو تعيين الموقف العملي مباشرة، ولذلك عرف بتعاريف أمثال:
١ - " إنه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل فعلا أو قوة قريبة ".
نقله صاحب الكفاية عن البعض (١) ومراده الشيخ البهائي في زبدة الأصول.
٢ - " استفراغ الوسع في تحصيل الحجة على الحكم الشرعي " (٢).
وهو مختار صاحب الكفاية.
الآن وبعد أن اتضح لدينا مفهوم الاجتهاد بمعنييه: العام والخاص، حان لنا أن نؤكد على نقطة هامة جدا غفل عنها الكثير ممن كتب حول هذا الموضوع، وهي: أن الاجتهاد بمعناه الخاص وإن كان مرفوضا لدى أئمة أهل البيت عليهم السلام إلا أن الاجتهاد بمعناه العام لم يكن مقبولا لدى الأئمة عليهم السلام فحسب، بل كانوا يعلمون أصحابهم ويدربونهم على كيفية ذلك، كما قال الإمام الصادق عليه السلام لسائل سأله عن المسح على مرارة وضعها على ظفره المقطوع: " يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى:
﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ (1) إمسح عليه " (2). وقد وصل الأمر إلى أنهم عليهم السلام كانوا يأمرون بعض أصحابهم بإفتاء الناس، كما أمر الإمام الباقر عليه السلام " أبان بن تغلب " أن يجلس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويفتي الناس حيث قال له: " اجلس في مسجد المدينة وافت الناس، فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك " (3).
وعلى أي حال فلو غضضنا النظر عن القياس والاستحسان وأمثالهما حيث كان الأئمة عليهم السلام يرفضونهما رفضا باتا، كانت عملية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة أمرا رائجا بين الشيعة، وخاصة الذين تربوا في مدرسة الإمامين الصادقين عليهما السلام أمثال زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب وغيرهم