تحمل في طياتها المعنى الخاص، ولذلك اتهم الاسترآبادي الفقهاء بأنهم اتبعوا أهل القياس والرأي، فدعا إلى رفضه والعمل بالأحاديث، فكان يعتقد أن سيرته امتداد لسيرة الفقهاء في زمن الغيبة الصغرى وما قبلها حيث كان الفقهاء يعتمدون على الأحاديث ويرفضون الاجتهاد، ولكن بعض الفقهاء - حسب زعمه - أمثال " ابن الجنيد " و " الشيخ المفيد " و " الشيخ الطوسي " و " السيد المرتضى " انحرفوا عن تلك الطريقة وابتدعوا طريقة الاجتهاد.
فهذه الخواطر الذهنية - في رأينا - أثرت في نفسية الاسترآبادي كي يبدي نظريته، لا أنه تأثر بالموجة الحسية، أو كان بين الموجتين ارتباط طبيعي.
هذا كله مع غض النظر عن استبعاد وجود تلاق بين الفكرتين لتقدم الاسترآبادي وعدم انتشار الموجة الحسية في مناطق مثل الشرق الأوسط آنذاك.
ومهما يكن من أمر لم يدم رفض العقل كليا إلا في مدة قصيرة من الزمن، وأما الذين نهجوا الأخبارية من بعد الاسترآبادي فلم يرفضوا حكم العقل كما رفضه الاسترآبادي، بل كانوا يعترفون به إلى حد ما.
ومما تقدم تظهر لنا نكتة مهمة قد غفل عنها أو اشتبه فيها العديد من الباحثين وهي:
إن الأخباريين من أصحابنا لم يرفضوا الاجتهاد بل لا يمكنهم رفضه.
نعم، لهم مناقشات - مع الأصوليين - في بعض مبادئ الاجتهاد كما سيتضح، ولذلك قال صاحب الكفاية: " قد انقدح أنه لا وجه لتأبي الأخباري عن الاجتهاد بهذا المعنى، فإنه لا محيص عنه كما لا يخفى، غاية الأمر له أن ينازع في حجية بعض ما يقول الأصولي باعتباره ويمنع عنها، وهو غير ضائر بالاتفاق على صحة الاجتهاد بذاك المعنى، ضرورة أنه ربما يقع بين الأخباريين كما وقع بين الأصوليين " (1).
بل يظهر من كلمات بعضهم القول بوجوبه عندهم ولكن على طريقتهم (2).
راجع: أخباريون.