وبما أن المكلف يعلم إجمالا بتوجه التكليف إليه، وأنه سيستحق على تركه العقاب يندفع بفطرته إلى دفع هذا الضرر بامتثال التكليف، ولا يحرز ذلك إلا بأحد هذه الأمور الثلاثة (١).
الثاني - إن مصدره العقل:
وذلك بملاك ما استقل به العقل من لزوم شكر المنعم، وهو يتحقق فيما نحن فيه بامتثال أوامر الشارع المقدس (٢).
الثالث - إن مصدره الشرع:
وعلى هذا يكون وجوبا شرعيا، ولكن تارة يفرض هذا الوجوب نفسيا، وتارة غيريا.
١ - الوجوب الشرعي النفسي: وهذا القول منقول عن المحقق الأردبيلي وبعض من تأخر عنه بلحاظ وجوب تعلم الأحكام وجوبا نفسيا، لقوله تعالى:
﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾ (٣)، وقوله ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين﴾ (1)، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " طلب العلم فريضة على كل مسلم " (2)، وغير ذلك.
ونوقش: بأنه لا دلالة في هذه على كون وجوب التعلم نفسيا، بل هناك ما يدل على خلافه كما ورد من أنه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: هلا عملت؟
فيقول: ما علمت، فيقال له: هلا تعلمت؟
إذ المستفاد منه أن المؤاخذة على ترك التكليف لا ترك التعلم (3).
2 - الوجوب الشرعي الغيري:
ومعناه أن التعلم واجب مقدمة لامتثاله، إذ الامتثال يتوقف على العلم بالتكليف ولا يتم إلا به، وما لا يتم الواجب إلا به واجب.
ولكن نوقش:
1 - بإنكار المقدمية بين العلم بالأحكام الواقعية وامتثالها، لجواز حصول الامتثال من دون العلم بالتكليف، إذ ليس