المرسلة ونظائرها إنما هي من قبيل المصاديق لهذا المفهوم.
ومهما يكن من أمر فإن الاجتهاد بهذا المعنى استمر من القرن الأول حتى القرن الخامس - تقريبا - فحينما كان يطلق " الاجتهاد " كان يراد منه هذا المعنى الخاص. وفي حوالي القرن الخامس أخذ الاجتهاد مفهوما أوسع من ذلك.
والذي لا بد أن نشير إليه هو: أن أئمة الشيعة عليهم السلام كانوا يعارضون الاجتهاد بهذا المعنى، وذلك لبطلان القياس والاستحسان وأمثالهما عندهم، وقد استمرت هذه المعارضة من عصر الأئمة عليهم السلام حتى القرن السابع الهجري حيث تغير مفهوم الاجتهاد الخاص إلى مفهوم أوسع منه فتقبله الشيعة برحابة صدر مع حذف ما يخالف مبادئهم الفقهية - كالقياس والاستحسان وأمثالها - عنه، ولكن قبل ذلك كانت المعارضة - كما قدمنا - ضد الاجتهاد شديدة جدا حتى صنف العلماء كتبا على رد الاجتهاد بهذا المعنى، فقد صنف عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري كتابا سماه " الاستفادة في الطعون على الأوائل والرد على أصحاب الاجتهاد والقياس " (1)، وصنف أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي كتابا سماه " الرد على أصحاب الاجتهاد في الأحكام " (2).
وقد أخذت المعارضة تستمر حتى أواخر القرن الرابع حيث ألف الشيخ المفيد - الذي يعتبر من رواد الاجتهاد بمعناه المقبول لدى الشيعة - كتابا سماه " النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي " (3). وقد كان ابن الجنيد متهما بالعمل بالقياس والاجتهاد بالرأي.
ومما يدل على ذلك ما نقله صاحب الجواهر - حول جواز قضاء الحاكم بعلمه - عن السيد المرتضى في الانتصار بقوله:
" فإن قيل كيف تستجيزون ادعاء الإجماع وأبو علي ابن الجنيد يصرح بالخلاف ويذهب إلى أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شئ من الحقوق والحدود؟ قلنا: لا خلاف بين الإمامية في هذه المسألة، وقد تقدم إجماعهم ابن الجنيد وتأخره، وإنما عول ابن الجنيد على ضرب