الحسن الحر العاملي (م 1104) والمولى محمد باقر المجلسي (م 1111) والسيد نعمة الله الجزائري (م 1112) والشيخ يوسف البحراني (م 1186) وهم من علماء الشيعة المرموقين، وأصحاب موسوعات في الفقه والحديث، كما أنهم كانوا مختلفين في الانتصار لهذا المذهب شدة وضعفا، ولكن كل هؤلاء امتازوا على الاسترآبادي بحفظ حرمة من خالفهم في الطريقة بل شنع بعضهم عليه كما فعل المحدث البحراني حيث قال:
"... وهو [أي الاسترآبادي] أول من فتح باب الطعن على المجتهدين وتقسيم الفرقة الناجية إلى أخباري ومجتهد، وأكثر في كتابه الفوائد المدنية من التشنيع على المجتهدين، بل ربما نسبهم إلى تخريب الدين، وما أحسن وما أجاد، ولا وافق الصواب والسداد، لما قد ترتب على ذلك من عظيم الفساد... " (1).
وعلى أي حال استمرت هذه الفكرة حتى أواخر القرن الثاني عشر فوصلت إلى ذروتها، ولكنها أخذت تنهار بعد أن وقف أمامها العلماء الكبار أمثال " المولى محمد باقر الوحيد البهبهاني " (م 1208) و " الشيخ مرتضى الأنصاري " (م 1281) باني الأصول الحديثة.
وأما لماذا وجدت هذه الموجة، فذلك أمر يحتاج إلى الدقة، فالذي يدعيه هؤلاء هو: أن الروايات الواردة عن الأئمة بكثرة بحيث يستغني معها الفقيه عن العقل، كما كان الفقهاء يكتفون بها في إبان الغيبة الكبرى.
ويرى بعض المفكرين (1) أن للموجة الأخبارية ارتباطا مع الموجة الحسية التي ظهرت في أروبا في ذلك الحين.
والذي يبدو لنا هو: أن كلمة " الاجتهاد " لما كانت تحمل معنيين: معنى خاصا ومعنى عاما، فالخاص هو العمل بالقياس والرأي.
والعام هو مطلق عملية استنباط الأحكام الشرعية ولم يتميز هذان المعنيان إلى مدة من الزمن: كانت هذه الكلمة