فإنه يقال: حيث أنه بذاك العنوان لاختص بما لم يعلم ورود النهي عنه أصلا، ولا يكاد يعم ما إذا ورد النهي عنه في زمان، وإباحته (1) في آخر، واشتبها من حيث التقدم والتأخر.
لا يقال: هذا لولا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.
فإنه يقال: وإن لم يكن بينها الفصل، إلا أنه إنما يجدي فيما كان المثبت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل، لا الأصل، فافهم.
وأما الاجماع: فقد نقل (2) على البراءة، إلا أنه موهون، ولو قيل باعتبار الاجماع المنقولة في الجملة، فإن تحصيله في مثل هذه المسألة مما للعقل إليه سبيل، ومن واضح النقل عليه دليل، بعيد جدا.
وأما العقل: فإنه قد استقل بقبح العقوبة والمؤاخذة على مخالفة التكليف المجهول، بعد الفحص واليأس عن الظفر بما كان حجة عليه، فإنهما بدونهما عقاب بلا بيان ومؤاخذة بلا برهان، وهما قبيحان بشهادة الوجدان.
ولا يخفى أنه مع استقلاله بذلك، لا احتمال لضرر العقوبة في مخالفته، فلا يكون مجال ها هنا لقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، كي يتوهم أنها تكون بيانا، كما أنه مع احتماله لا حاجة إلى القاعدة، بل في صورة المصادفة استحق العقوبة على المخالفة ولو قيل بعدم وجوب دفع الضرر المحتمل.
وأما ضرر غير العقوبة، فهو وإن كان محتملا، إلا أن المتيقن منه فضلا عن محتمله ليس بواجب الدفع شرعا ولا عقلا، ضرورة عدم القبح في تحمل بعض المضار ببعض الدواعي عقلا وجوازه شرعا، مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا