النهي - فالمشهور قائلون بصحة العبادة لوجود الأمر بها، وخالف المحقق النائيني في ذلك حيث حكم ببطلان عبادة العالم بالغصب، لأنه يلتزم باشتراط القدرة في التكليف من ناحية نفس التكليف - الخطاب الشرعي - لا من جهة حكم العقل بقبح تكليف العاجز، فيكون متعلق التكليف - دائما - هو الحصة المقدورة عقلا وشرعا، وأما غير المقدورة كذلك فهي خارجة عن التكليف.
وعلى هذا الأساس لا تكون الصلاة في المكان المغصوب مصداقا للمأمور به وفردا له، فإنها وإن لم تكن متحدة مع الحرام في الخارج إلا أنها ملازمة له خارجا فهي مشتملة على القبح الفاعلي، وإن لم تشتمل على القبح الفعلي، فلأجل ذلك لا تكون مقدورة شرعا وإن كانت مقدورة عقلا، وإذا لم تكن مقدورة لم يتعلق بها الخطاب لأنه يتعلق بالحصة المقدورة وهي الصلاة خارج المكان المغصوب (1).
4 - إن قلنا بالجواز ولم تكن مندوحة للمكلف بأن كان مضطرا إلى الجمع بين المأمور به والمنهي عنه كما إذا اضطر لدخول الأرض المغصوبة لسبب ما ثم ضاق وقت الصلاة فهنا:
ألف - تارة يكون الاضطرار لا بسوء اختياره، فلا إشكال عند المشهور في صحة العبادة، لأن الاضطرار يرفع الحرمة واقعا، وبارتفاعها يرتفع الحكم الوضعي وهو البطلان (1).
ب - وتارة يكون الاضطرار بسوء اختياره كمن دخل الأرض المغصوبة باختياره وحاول الخروج منها للتخلص من الحرام، فقد وقع البحث حول ذلك من جهتين:
الأولى - ما هو حكم هذا التصرف (الخروج) هل هو الوجوب أو الحرمة؟ أو غيرهما؟
الثانية - ما هو حكم العبادة - كالصلاة مثلا - حال الخروج لو فرضنا ضيق وقتها؟
أما بالنسبة إلى الجهة الأولى ففيها أقوال أهمها: