الأول - تقييد البحث بوجود المندوحة، لأنه مع فرض وجودها وإمكان إتيان متعلق الأمر (الصلاة مثلا) في غير مورد النهي (الدار المغصوبة) من المعقول أن يتوجه الأمر بطبيعي المأمور به (طبيعي الصلاة) وعندئذ يصح البحث عن أن المكلف لو أتى بهذا الكلي (الطبيعة) في ضمن الفرد المتحقق في مورد النهي (الدار المغصوبة) فهل تصح هذه الصلاة أو لا؟
وأما إذا لم تكن مندوحة، أي لم يمكن إتيان متعلق الأمر (الصلاة) في غير مورد متعلق النهي (الدار المغصوبة)، بل إذا أراد المكلف إتيان المأمور به، فلا بد له من إتيانه في ضمن الفرد المنهي عنه، وكان ذلك لا بسوء اختياره، فلا يأتي البحث عن جواز اجتماع الأمر والنهي (صحة الصلاة وعدمها)، لأن الموجود إما هو الأمر، أو النهي، لاستحالة توجه الأمر والنهي نحو الشئ الواحد.
الثاني - عدم لزوم اعتبار قيد المندوحة: ذهب إليه صاحب الكفاية، ووجهه: بأن الامتناع يتصور من جهتين:
1 - من جهة المكلف نفسه حيث لم يمكنه امتثال الأمر والنهي معا فيكون التكليف بهما تكليفا بالمحال، فمن هذه الجهة يكون قيد المندوحة معتبرا.
2 - من جهة نفس صدور الأمر والنهي من شخص واحد نحو شئ واحد، لتضاد الأحكام فيما بينها، فيكون توجه الأمر والنهي بشئ واحد في نفسه محالا، فهنا لا يؤثر قيد المندوحة، إذ تحقق الإرادة والكراهة معا نحو شئ واحد مستحيل.
والمندوحة إنما تعتبر في جواز الاجتماع من الجهة الأولى، إذ مع المندوحة يقدر المكلف على امتثالهما معا، لكنها ليست محلا للكلام، ولذا قيل بالامتناع حتى مع وجود المندوحة (1).
وعلق عليه في المحاضرات: بأنه على القول بالامتناع يقع التعارض بين دليل الوجوب والحرمة في مورد الاجتماع سواء كانت مندوحة أو لا.
وعلى القول بالجواز تقع المزاحمة مع عدم وجود المندوحة، فلا بد من إعمال قواعد باب التزاحم، وأما مع وجود المندوحة فلا بد من امتثال التكليفين لعدم