استظهار ذلك من الحديث الشريف; فإن الظرفية الواقعة في الحديث، أصلها المحفوفية بالغير، ولازمه التوقف على الطرفين، بخلاف الاسم الغير المتوقف في تحقق المدلول على شيء، والفعل المتوقف على المعروض فقط; كما أن التقوم مدفوع بلزوم دخول وجود الطرفين في مدلول الحرف، فيكون أعلى وجودا من الاسم والفعل، وهو كما ترى، مع كفاية الدال الآخر على مدلوله.
ومنه يظهر: أن مدلول الحرف وشبهه، ما به الارتباط بين شيئين المتوقف على الشيئين مع خروج نفس الطرفين عن المدلول، وإن كان الربط في موضوع المرتبطين بحسب المشروطية لا الشرطية في المفهومية، بل في الوجود، بل المشروطية في الوجود أيضا، كما يناسبه التدقيق; فمعنى الحرف أنه مع الطرفين الخاصين، فالارتباط بينهما بهذا النحو.
وما مر عن «الرضي» (قدس سره)، فإنما هو في بيان الفارق بين الحرف والاسم الموافق له في المعنى في الجملة; فإنه بحسب الوضع يدل على معنى ينضم إلى معنى الاسم أو الفعل، بخلاف الاسم، حتى الموافق للحرف في المعنى في الجملة; فإنه قابل لسلب الانضياف، وللإخبار عنه بنفسه في نحو قولك: «الابتداء خير من الانتهاء»; فلو كان الانضياف بما مر من التضمن، اتجه عليه ما مر من الإيراد.
وإن كان المراد أن الانضياف شأن المعنى الحرفي المتحصل به، فليس ذلك إلا في حقيقة النسبة; وتحصيلها بأن حقيقة كون شيء لشيء، غير حقيقة كون الطرفين، لأن الانفكاك من الطرفين وجداني، حتى في صورة الاجتماع في أصل الوجود بدون النسبة الخاصة، فالمصحح للحكم لا يفترق عن عدمه إلا بأمر ثبوتي، ولا يعقل وجود شيء ثالث، إلا حقيقة ثبوت شيء خاص لشيء خاص، به يصح حمل عنوان أحدهما أو ما هو كالعنوان، على الآخر; ويتحد هذا العنوان مع