الإبراء إيقاع لا يحتاج إلى قبول، ولكن يظهر من كلمات بعضهم احتياجه إليه، أو الترديد فيه على الأقل، فالأقوال - إذن - ثلاثة:
الأول - أنه عقد فيحتاج إلى القبول وهذا رأي ابن زهرة وابن إدريس والكيدري، ومستندهم - في ذلك - هو: أن في الإبراء منة على المبرأ، فلا بد من قبوله لذلك.
قال الأول: " وإذا وهب ما يستحقه في الذمة كان ذلك إبراء بلفظ الهبة، ويعتبر قبول من عليه الحق، لأنه في إبرائه منة عليه ولا يجبر على قبول المنة " (1).
وقال الثاني: " وهل من شروط صحة الإبراء قبول المبرأ أم لا؟ قال قوم من شرط صحته قبوله فلا يصح حتى يقبل، وما لم يقبل فالحق ثابت بحاله، وهو الذي نختاره ونقول به... " (2). ثم ذكر مسألة المنة.
وقال الثالث في إصباح الشيعة:
" إذا كان له في ذمة رجل مال فوهبه له كان ذلك إبراء بلفظ الهبة، ومن شرط صحته قبول الموهوب له فإن لم يقبل لم يصح " (1).
الثاني - أنه إيقاع: وهذا هو الرأي المشهور وقد نسبه في مفتاح الكرامة إلى كثيرين، فقال: " وأما إنه لا يشترط في الإبراء القبول فهو خيرة الجامع والشرائع والتذكرة والتحرير والإرشاد والمختلف والإيضاح واللمعة وجامع المقاصد والروض والمسالك والروضة والمفاتيح، وفي المسالك: أنه مذهب الأكثر، وفيه - أيضا - وفي الكفاية: أنه الأشهر " (2).
وقال في الجواهر: " ولا يشترط في الإبراء القبول وفاقا للأكثر بل المشهور خلافا للمحكي عن الغنية والسرائر... " (3).
الثالث - الترديد فيه: ويظهر ذلك من الشيخ في المبسوط والراوندي في فقه القرآن.
قال الأول: " وهل من شروط صحة الإبراء قبول المبرأ أم لا؟ قال قوم:
من شرط صحته قبوله، ولا يصح حتى