- من حيث كونه مجزيا عن الواقع أو غير مجز - يكونان متأصلين في الجعل.
وهذا التفصيل إنما نشأ من توهم أن إجزاء الامر الظاهري وعدمه عبارة عن الصحة والفساد، كما أن التفصيل بين العبادات والمعاملات إنما نشأ من توهم أن إمضاء المعاملة عبارة عن الحكم بصحتها.
هذا، ولكن التحقيق: أن الصحة والفساد ليسا من الأحكام الوضعية المتأصلة بالجعل، بل في بعض الموارد يمكن منع كونهما منتزعين عن المجعول الشرعي، فضلا عن تأصلهما بالجعل.
وتوضيح ذلك: هو أن الصحة والفساد - بمعنى مطابقة المأتي به للمأمور به الواقعي أو الظاهري - إنما ينتزعان من نفس فعل المكلف، فان كان مطابقا للمأمور به ينتزع عنه الصحة، وإن كان مخالفا ينتزع عنه الفساد، ولا ينتزعان من نفس التكليف بالفعل حتى يكون منشأ الانتزاع مجعولا شرعيا، وكذا الكلام في الصحة والفساد بمعنى مطابقة المأتي به خارجا لما هو سبب الحكم الوضعي: من العقد والايقاع وما يلحق بهما.
نعم: يصح بنحو من العناية والتوسعة القول بكونهما منتزعين عن المجعول الشرعي، باعتبار أن المطابقة وعدمها إنما تلاحظان بالنسبة إلى متعلق التكليف والوضع.
وأما الصحة والفساد في الامر الظاهري باعتبار الاجزاء وعدمه: فليس الاجزاء وعدمه عبارة عن الصحة والفساد، بل قد عرفت في بعض الأمور السابقة: أن الاجزاء في الموارد التي قام الدليل عليه يرجع إما إلى التصرف في الواقع بوجه وإما إلى الاكتفاء بما يقع امتثالا للواقع، وعلى كلا التقديرين:
يلزمه الصحة، وليست هي عين المجعول الشرعي، فالصحة والفساد ليسا من المجعولات بالأصالة، بل إما أن يكونا منتزعين عن المجعول الشرعي، وإما أن يكونا منتزعين عن غيره، وقد تقدم بعض الكلام في ذلك في مبحث النهي عن