وحكى الآمدي وغيره عن بعض الأصوليين أنه لا يشترط المستند، بل يجوز صدوره عن توفيق بأن يوفقهم الله تعالى لاختيار الصواب " (1).
ويظهر من بعض آخر منهم أنه لا يكون حجة إلا بما هو كاشف عن مستند شرعي للحكم. قال الخضري: " لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند، لأن الفتوى بدون المستند خطأ لكونه قولا في الدين بغير علم، والأمة معصومة عن الخطأ... " (2).
وأما الشيعة الإمامية فإنهم يشترطون المستند أيضا، ولكن هناك فرق بين المستند الذي يشترطه العامة والمستند الذي يشترطه الشيعة، إذ العامة يجوزون أن يكون مستند الإجماع كل شئ يكون دليلا على حكم شرعي عندهم حتى مثل القياس، قال الخضري: " ثم إن هذا السند إما أن يكون دليلا قطعيا، - وأغلب ما علمناه من المسائل التي لم يعلم فيها خلاف، أدلتها التي استند الإجماع إليها قطعية - وإما أن يكون دليلا ظنيا وهو خبر الواحد أو القياس " (1).
وأما الإمامية فإنهم يشترطون أن يكون المستند رأي المعصوم عليه السلام فلو حصل اتفاق على حكم شرعي، وكان ذلك كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام في ذلك لكان حجة، والحجية تكون عندئذ للمنكشف لا الكاشف.
وعلى هذا فيكون الإجماع - عند الشيعة - كاشفا عن السنة فقط.
وليس المقصود من السنة - هنا - وجود رواية مروية بالتواتر أو الآحاد، لأننا لو كشفنا أن اتفاق الفقهاء مستند إلى رواية معينة سواء كانت منقولة بالتواتر أو بالآحاد لم يكن قيمة لذلك الإجماع بما هو إجماع عندئذ، بل لا بد من ملاحظة المستند (وهو الرواية)، فإن قبلناه فهو وإلا فلا، ويعبر عن مثل هذا الإجماع ب " الإجماع المدركي ".
بل المقصود هو كشف الإجماع عن رضى المعصوم عليه السلام برأي المجمعين، وأنه يرى هذا الرأي أيضا.