المعتبر إما أن يكون الكتاب، أو العقل، أو السنة:
أما الكتاب فمن البعيد جدا أن يستظهروا حكما من آية خفيت علينا جهة الدلالة فيها، وعلى فرضه فإن فهمهم ليس بحجة علينا.
وأما العقل، فلا يتصور أن يتوصل أولئك إلى دليل عقلي يستكشف منه الحكم الشرعي ولم نصل إليه.
وأما السنة فحيث لا مجال لدعوى سماع قول المعصوم، أو رؤيته لفعله، أو تقريره في عصر الغيبة، إذ لا يحتمل ذلك إلا للنادر جدا، فنحصر الدليل في الخبر الحاكي لقوله عليه السلام أو فعله، أو تقريره، وهو لا يخلو من محذور من حيث السند والدلالة.
أما السند فمن جهة أن المجمعين - وهم الحاكون للخبر - إن كانوا مختلفين من حيث مبناهم في حجية الخبر بحيث يرى بعضهم حجية خصوص الخبر الصحيح، والبعض الآخر الصحيح والموثق، وثالث حجية ذلك والخبر الحسن، لدل اتفاقهم على أن مستندهم القدر المتيقن، وهو الخبر الذي يكون في غاية الصحة.
وإن كانوا متفقين في المبنى بأن كان كلهم يرون حجية الموثق، فإن إجماعهم إنما ينفع من كان مبناه ذلك أيضا، ولا ينفع من كان مبناه حجية خصوص الصحيح فضلا إذا كانوا يستندون إلى حجية الخبر الحسن.
وأما من حيث الدلالة، فإن الخبر المفروض إن كان نصا في مدلوله صح الاستناد إليه منا أيضا إلا أنه نادر، وإن كان ظاهرا فلا يجدي، إذ ظهور الخبر في حكم عند المجمعين لا يستلزم الظهور عندنا، بل إن استظهارهم لا يكون حجة بالنسبة إلينا (1).
وقد تقدم تقرير هذه المناقشة فيما تقدم أيضا.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الطريقة قد يطلق عليها طريق الحدس أيضا كما يظهر من عبارات الشيخ الأنصاري في الفرائد.