أولا - الضمان في غير الجنايات:
إن الإذن الصادر إما مقيد بالضمان أو بعدمه، أو غير مقيد بأحدهما، والأخير تارة يستفاد منه الضمان - ولو بحسب القرائن والارتكازات العرفية - وتارة يستفاد منه عدمه، وتارة لا يستفاد منه لا هذا ولا ذاك بل يكون مجملا.
أما إذا كان مقيدا بالضمان كما إذا أذن صاحب البستان للغير أن يتنزه فيه وقيده بدفع شئ من المال، فهذا لا إشكال فيه، فإن التصرف - في مثله - يستتبع الضمان.
وكذا إذا كان مقيدا بعدمه - كما لو دعاه إلى طعام وصرح بأنه لا يطلب عليه شيئا - فالأمر فيه واضح.
وأما إذا كان مطلقا غير مقيد بالضمان ولا بعدمه، ولكن استفيد من القرائن - سواء كانت حالية أو مقالية - أو الارتكازات العرفية تقيد الإذن بالضمان فلا إشكال فيه أيضا، كالإذن في الاستفادة من الأمكنة العامة المملوكة كالحمامات والرباطات ومواقف السيارات وأمثالها.
وكذا لا إشكال في عدم الضمان لو استفيد ذلك بالقرائن والارتكازات العامة، كالدعوات في الولائم العامة، أو الماء السبيل الموجود في الطرق، والطعام المبذول في المضائف.
إنما الإشكال فيما إذا لم يكن مقيدا بالضمان ولا بعدمه وكان مجملا، فمقتضى أدلة الضمان ثبوته، لأن الخارج من ذلك هو القدر المتيقن وهو ما قام الدليل عليه، أي ما صرح فيه بعدم الضمان أو استفيد ذلك من القرائن والارتكازات العرفية، وما سواه يبقي في عموم أدلة الضمان (1).
ثانيا - الضمان في الجنايات:
يختلف الحال في الجنايات لو تحققت بعد الإذن في سببها فقد يوجب الإذن الضمان وقد يوجب عدمه.
1 - الإذن الموجب للضمان:
وذلك كما إذا دخل شخص دار قوم بإذنهم فعقره كلبهم، فقد صرح الفقهاء (2) بضمان صاحب الدار لأن الدخول كان بإذنه، فعليه أن يحافظ على الداخل من الحيوان، بخلاف ما إذا لم يؤذن له، فإنه متعد، وقد نقل السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " قضى أمير المؤمنين