الواجب العبادي يحتاج إلى قصد القربة في حين أن عقد الإجارة يوجب انقلاب داعي قصد القربة إلى داعي أخذ الأجرة، وهو مستلزم لفساد العبادة، فصحة الإجارة - إذن - تستلزم فساد العبادة.
وأجيب عن ذلك:
١ - باختصاص هذا التعليل بالواجبات العبادية فلا يشمل التوصلية، لعدم اشتراط قصد القربة فيها.
٢ - اطراد الإشكال في المستحبات العبادية مع أن الكثير منهم يلتزم بصحة الإجارة فيها.
٣ - منع المنافاة - عند كثير منهم - إذا كانت الأجرة ملحوظة بنحو الداعي إلى الداعي (١).
٤ - أن قصد القربة الخالصة المحضة قد لا تحصل إلا في المعصومين عليهم السلام وأما بالنسبة إلى غيرهم فقد يكون لجلب منفعة دنيوية كقضاء حاجة، أو دفع ضرر دنيوي كدفع البلاء، أو جلب منفعة أو دفع ضرر أخرويين كطلب الجنة والبعد عن النار، ومن المعلوم أن ذلك لا يضر بعبادية العبادة، فمن يصلي طلبا لحاجة دنيوية (كالمال مثلا) لا تكون صلاته باطلة، ولعله إلى هذا أشار بقوله تعالى: ﴿وادعوه خوفا وطمعا﴾ (١) و ﴿يدعوننا رغبا ورهبا﴾ (2).
إذن فالغرض من العبادة - غالبا - هو انتفاع العبد، ولا يضر ذلك بعبادية العبادة (3).
الثانية - والمؤاخذة الثانية المهمة هي: أن الفعل الواجب يكون بوجوبه مستحقا لله تعالى وملكا له، وما كان للغير لا يجوز تمليكه لله تعالى.
وقد سجلت هذه المؤاخذة من الشيخ كاشف الغطاء في شرحه على القواعد.
ولكن نوقشت: بأن ملكية الله تعالى للواجبات لا تخلو من صور، وهي:
1 - أن تكون ملكية حقيقية وتكوينية وهي المعبر عنها بالملكية الاشراقية، وفي هذه الصورة لا تختص الواجبات بذلك، بل كل ما في الوجود ومنها أفعال الإنسان المتصفة بالأحكام