____________________
هذا ولكن قد عرفت في مبحث التطهير بالماء التأمل في دخول الجريان في مفهوم الغسل، وعدم ظهور كون المقابلة بينه وبين المسح من هذه الجهة، بل الظاهر أنه يعتبر في الغسل استيلاء الماء وغلبته على المحل، ويعتبر في المسح إمرار الماسح ذي البلل على المحل فيكون بينهما تباين مفهوما وخارجا، وإن كان بينهما عموم من وجه موردا. وأما الصحيح فالظاهر أن التعبير بالجريان فيه كان جريا على الغالب المتعارف، وليس في مقام تقييد مطلقات الغسل، بل في مقام آخر، فلا يصلح لتقييد إطلاقات الأمر بالغسل. لا سيما بعد ملاحظة صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) في الوضوء: " إذا مس جلدك الماء فحسبك " (* 1). نعم ربما يوهم ما ينافي الاطلاقات المذكورة ما في مصحح زرارة ومحمد بن مسلم من قول أبي جعفر (ع): " إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه، وإن المؤمن لا ينجسه شئ، إنما يكفيه مثل الدهن " (* 2)، وفي مصحح ابن مسلم الوارد في كيفية الوضوء: " يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها جسده، والماء أوسع " (* 3)، ونحوهما غيرهما، فإنها وإن لم تكن تنافي اعتبار جريان الماء وحركته من محل إلى آخر، لكنها ظاهرة في عدم اعتبار استيلائه على المحل، والاكتفاء بمجرد سراية الرطوبة والبلل من محل إلى آخر.
لكن لا بد من حملها على إرادة المبالغة في عدم احتياج الوضوء إلى الماء الكثير - كما ذكر في الجواهر وغيرها - لإباء سياقها عن صلاحية التصرف في أدلة اعتبار الغسل، بل ذيل الثاني كالصريح في ذلك. فلاحظه.
لكن لا بد من حملها على إرادة المبالغة في عدم احتياج الوضوء إلى الماء الكثير - كما ذكر في الجواهر وغيرها - لإباء سياقها عن صلاحية التصرف في أدلة اعتبار الغسل، بل ذيل الثاني كالصريح في ذلك. فلاحظه.