ناقة عشراء، وكانت صخرة يعظمونها ويذبحون عندها في رأس كل سنة ويجتمعون عندها، فقالوا له: إن كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع الله يخرج لنا ناقة منها، فأخرجها لهم كما طلبوا منه.
وأوحى الله تعالى إلى صالح أن قل لهم: إن الله جعل لهذه الناقة شرب يوم ولكم شرب يوم، فكانت الناقة إذا شربت يومها شربت الماء كله فيكون شرابهم ذلك اليوم من لبنها فيحلبونها فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومه ذلك، فإذا كان الليل وأصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا هم ذلك اليوم ولا تشرب الناقة.
فمكثوا بذلك ما شاء الله حتى عتوا ودبروا في قتلها، فبعثوا رجلا أحمر أشقر أزرق لا يعرف له أب ولد الزنا يقال له قدار ليقتلها، فلما توجهت الناقة إلى الماء ضربها ضربة، ثم ضربها أخرى فقتلها، ومر فصيلها حتى صعد إلى جبل فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا أكل منها.
فقال لهم صالح: أعصيتم ربكم؟ إن الله تعالى يقول: إن تبتم قبلت توبتكم، وإن لم ترجعوا بعثت إليكم العذاب في اليوم الثالث. فقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، قال: إنكم تصبحون غدا وجوهكم مصفرة، واليوم الثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، فاصفرت وجوههم فقال بعضهم: يا قوم قد جاءكم ما قال صالح. فقال العتاة: لا نسمع ما يقول صالح ولو هلكنا؟ وكذلك في اليوم الثاني والثالث، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ صرخة خرقت أسماعهم، وقلقت قلوبهم، فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم، ثم أرسل الله عليهم نارا من السماء فأحرقتهم (1).
وحيث أنه يجري في هذه الأمة كلما جرى في الأمم السالفة وقع ذلك لصالح المؤمنين مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) أخرج الله تعالى ثمانين ناقة حمراء كحل العيون ضمنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعرابي على أن يسلم هو وأهل بيته فأسلموا فجاء