قال تعالى: * (وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) * المراد بمن بلغ الإمام فهو ينذر بالقرآن كما ينذر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرآن، كما هو صريح الروايات المذكورة (1).
أقول: فعلى هذا يكون قوله: * (ومن بلغ) * عطف على فاعل * (أنذر) * لا المفعول. وعدة من هذه الروايات في البحار (2). تفسير آخر لهذه الآية في البحار (3)، وفيه ومن بلغ قال: بكل لسان.
أما ما يدل على عموم الإنذار مثل قوله تعالى: * (وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) * * (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) * * (وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا) * * (ولتنذر أم القرى ومن حولها) * * (وتنذر به قوما لدا) * * (لتنذر قوما ما آتيهم من نذير من قبلك) * إلى غير ذلك من الآيات.
وأما ما يدل على تخصيصه بالحي والسميع ومن يخشى ربه ومقام ربه. مثل قوله تعالى: * (لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين) * و * (إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة) * و * (إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب) * و * (وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم) * و * (قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون) *.
ولعل وجه الجمع أن الإنذار لإتمام الحجة ولأن يحق القول على الكافرين يقع على العموم، وما يهلك قوما وما يعذبهم إلا بعد البيان والإنذار.
لكن من أعرض عن الذكر ويعش عنه يعمي الله بصر قلبه ويختم عليه ويصم اذن قلبه، جزاء على إعراضه واستنكافه واستكباره وكفره، فلا يسمع دعاء الإنذار ولا يخاف منه ولا يعتني إلى المنذر، فلا ينتذر من الإنذار.
وأما من كان حيا ويخشى ربه ويطلب الهداية ولا يعرض عن الذكر بل يستمع