حكم الخضخضة: ولو علمت بما يفعله ما أكلت معه. وفي رواية آكل الربا ومستحله: ولو أمكنني الله منه لأضربن عنقه. وقوله: قبلت أيدي من لو قدرت لقطعتها. إلى غير ذلك.
فظهر من ذلك كله أن علم الإمامة الخاص بهم وكذا قدرتهم على الممكنات ليسا موردا لإثبات التكاليف الظاهرية ومناط ثبوت الأحكام الفرعية.
قال العلامة الطباطبائي التبريزي الميرزا تقي في حاشيته على القوانين مبحث العموم والخصوص: أنهم كانوا لا يعاملون الناس إلا بالنحو المتعارف بينهم في العلم والقدرة والفقر والغنى وجميع الحالات، فإن من المقطوع الضروري أنهم كانوا يعاشرون الناس معاشرة بعضهم مع بعض سواء كان في العلم أو غيره ولم يكونوا مأمورين بالسياسة منهم بعلمهم اللدني الذي علمهم الله وكانوا لا يظهرون العلم ولا يدعونه إلا إذا حصل من أحد الأسباب الظاهرية والطرق العادية المتعارفة بين الناس كالرؤية وإخبار الغير ونحوهما، وإذا لم يكن طريق متعارف لم يكونوا ليظهروا العلم بل كانوا يكتمونه (كأنهم لا يعلمون) وذلك لأجل أن الله تعالى قد جرت عادته في تبليغ الأحكام وإرسال الرسل وتقريب الناس إلى الطاعة وتبعيدهم عن المعصية بمعاملتهم على النحو المتعارف، ألا ترى أنه تعالى إذا أرسل نبيا لا يسمع ظهوره فورا لجميع أهل العالم بل كان ظهوره وبلوغ خبره كبلوغ سائر الحوادث تدريجا بالأسباب العادية مع أنه قادر لإسماعه من دون الأسباب العادية، وكذلك الكلام في تبليغاتهم فإنه ليس إلا على النحو المتعارف، وكذلك سياستهم مع الرعية فإنه لم يكن ليقطع سارقا إلا بعد إقراره وإقامة البينة، وكذا لم يكن ليحد حدا ويحكم حكما إلا بالإيمان والأقارير والبينات، وكذا في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أتى رجل منكرا في عقر داره لم يقع منه حد طبق علمه بالغيب.
وبالجملة لا تأمل في أن النبي وأوصياءه صلوات الله عليهم لم يكونوا مكلفين بالمشي على مقتضى علمهم اللدني إلا فيما ينافي أمر الإمامة، وعند الإعجاز