العلم والعمل، إذ ما لم يعلم الشئ لم يمكن قصده، وما لم يقصده لم يصدر عنه، ثم لما كان غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معين كامل على الإطلاق وهو الله تعالى لابد من اشتماله على قصد التقرب به. كلام بعض المحققين في النية (1).
الكافي: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله وكل عامل يعمل على نيته.
بيان: هذا الحديث من الأخبار المشهورة بين الفريقين. وقد قيل فيه وجوه:
الأول المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق. الثاني النية بلا عمل خير من العمل بلا نية.
الثالث طبيعتها خير من طبيعته لأنه يثاب عليها ولا يترتب عليها عقاب. الرابع أنها من عمل القلب الذي هو أفضل من الجوارح فكذا عمله. الخامس نية بعض الأعمال الشاقة خير من بعض الأعمال الخفيفة، كنية الحج من تلاوة آية مثلا.
وقال السيد المرتضى في الغرر: إن لفظة خير ليست اسم تفضيل بل المراد أن نية المؤمن عمل خير من جملة أعماله، ومن تبعيضية ويجري هذا الوجه في قرينته. إلى غير ذلك من كلمات المحققين في معنى الحديث (2).
تعداد المجلسي بعض منازل النية ودرجاتها (3).
الكافي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد المؤمن الفقير ليقول يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير، فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق نية كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله إن الله واسع كريم. بيان: " ليقول " أي بلسانه أو بقلبه أو الأعم منهما.
قال شيخنا البهائي: هذا الحديث يمكن أن يجعل تفسيرا لقوله (عليه السلام): نية المؤمن خير من عمله، فإن المؤمن ينوي كثيرا من هذه النيات فيثاب عليها ولا يتيسر العمل إلا قليلا (4).