بعيدا، ويحذركم الله نفسه " ويحك ابن آدم الغافل وليس بمغفول عنه، ابن آدم إن أجلك أسرع شئ إليك، قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك، ويوشك أن يدركك، وكأن قد أوفيت أجلك، وقبض الملك روحك، وصرت إلى منزل وحيدا فرد إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكاك: منكر ونكير لمساءلتك، وشديد امتحانك ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، وعن نبيك الذي أرسل إليك، وعن دينك الذي كنت تدين به، وعن كتابك الذي كنت تتلوه، وعن إمامك الذي كنت تتولاه، ثم عن عمرك فيما أفنيته؟ ومالك من أين اكتسبته، وفيما أتلفته؟ فخذ حذرك وانظر لنفسك، وأعد للجواب قبل الامتحان، والمسألة والاختبار - الخ (1).
باب وصايا أبي جعفر (عليه السلام) ومواعظه وحكمه (2).
تحف العقول: روي أنه حضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم وحذرهم وهم ساهون لاهون، فأغاظه ذلك فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إليهم، فقال: إن كلامي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا، ألا يا أشباها بلا أرواح، وذبالا بلا مصباح، كأنكم خشب مسندة وأصنام مريدة، ألا تأخذون الذهب من الحجر؟ ألا تقتبسون الضياء من النور الأزهر؟ ألا تأخذون اللؤلؤ من البحر؟ خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها، فإن الله تعالى يقول:
* (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * - إلى أن قال: - كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك دعوته فاستجاب لك، فاستوجب بجميل صنيعه الشكر، فنسيته فيمن ذكر، وخالفته فيما أمر.
ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب كلما عرضت لك شهوة أو ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه، فارتكبته كأنك لست بعين الله، أو كأن الله ليس لك بالمرصاد، يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك، وأوهى همتك فلله أنت من طالب ومطلوب، ويا هاربا من النار ما أحث مطيتك إليها، وما أكسبك