الرابع تفسير الآية بعالم الذر ينافي قولهم: * (إنما أشرك آبائنا) * لدلالته على وجود آباء لهم مشركين.
الخامس ما ذكره بعضهم أن الروايات مقبولة وليست تفسير الآية، وعالم الذر أمر فعله الله قبل وجودهم في هذه النشأة لإجراء معرفة الرب كما روي أنهم ولدوا على الفطرة، وأما الآية الكريمة فليست تجري مجرى الروايات لظهور الآية في أنه تعالى فعل ذلك لقطع الحجة يوم القيامة ولهم أن يقولوا في يوم القيامة ربنا أشهدتنا على أنفسنا يوم أخرجتنا من صلب آدم فكنا على يقين كما أنا في ذلك اليوم على يقين، وأنسيتنا الموقف ووكلتنا إلى عقولنا، فعرفك العارف بعقله وأنكرك المنكر بعقله، كل ذلك بالاستدلال فما ذنبنا في ذلك، وقد نزعت منا عين المشاهدة وجهزتنا بجهاز شأنه الاستدلال وهو يخطي ويصيب.
السادس أن الآية لا صراحة فيها على ما تدل عليه الروايات لإمكان حملها على التمثيل. وأما الروايات فهي إما مرفوعة، أو موقوفة ولا حجية فيها. هذه جمل ما أورده النافون على دلالة الآية وحجية الروايات.
وأجاب المثبتون وهم عامة أهل الحديث وجمع من المفسرين بأجوبة نلخصها:
الجواب عن الاشكال الأول أن نسيان الموقف وخصوصياته لا يضر بتمام الحجة، وإنما المضر نسيان أصل الموقف وزوال معرفة الوحدانية وهو غير منسي ولا زائل عن النفس وذلك يكفي في إتمام الحجة.
وعن الثاني أن الامتناع من تجويز نسيان الجميع لذلك مجرد استبعاد من غير دليل على الامتناع، مضافا إلى أن أصل المعرفة بالربوبية مذكور غير منسي كما ذكرنا. وأما حديث التناسخية فليس الدليل على بطلان التناسخ منحصرا في ذلك، بل لإبطال القول به دليل آخر كما لا دليل على استحالة نسيان بعض العوالم في بعض آخر.
أقول: ولا يلزم التناسخ لو قلنا: إن هذه الأبدان عين الأبدان الذرية التي جعل