وكذا يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع (1)، بينما استشكل العلامة في ذلك في القواعد حيث قال: " وفي التوكيل بإثبات اليد على المباحات كالالتقاط، والاصطياد، والاحتشاش، والاحتطاب نظر " (2).
ثالثا - التفصيل بين الإجارة وغيرها من النيابة والوكالة:
وحاصل هذا التفصيل هو:
أن الإجارة على حيازة المباحات وإحياء الموات صحيحة، لأن المستأجر يملك عملية الحيازة والإحياء بالإجارة، ويكون المباشر كالآلة فإذا كان كذلك فهو يملك نتيجة العملية، أي الحيازة والإحياء، وقد قامت السيرة على ذلك وهو أمر متعارف بين الناس ولا سيما في مثل الاستئجار لصيد الأسماك، فإن بناء العرف والعقلاء قد استقر على اعتبار ملكية المحاز لمالك الحيازة لا للحائز المباشر، فيعتبرون المستأجر مالك السمكة دون صائدها.
وأما الوكالة فإنها لما كانت تجري في الأمور الاعتبارية كالعقود والإيقاعات وما يلحق بها من القبض والإقباض دون الأمور التكوينية كالنوم والأكل والشرب ونحوها، فلا تجري في الحيازة وإحياء الموات، لأنها، من الأمور التكوينية، وبعبارة أخرى: لو باع الوكيل دار الموكل يقال: باع فلان (الموكل) داره، ويكون البيع مسندا إليه حقيقة لا إلى الوكيل، بخلاف مثل الأكل والشرب وإحياء الأرض، فإنه لا تسند هذه الأمور إلا إلى فاعلها.
وأما النيابة فلما كان العمل فيها قائما بالنائب، وأثره - من الثواب والإجزاء ونحوهما - عائدا إلى المنوب عنه نظير أداء دين الغير فيكون ذلك خلافا للقواعد لا يلتجأ إليه إلا بدليل قوي، وهو مفقود في مثل إحياء الموات والحيازة.
ذهب إلى هذا الرأي السيد الخوئي في المستند (1)، وخالف في ذلك بعض الفقهاء الذين قالوا بدوران جواز الإجارة فيها مدار جواز التوكيل وعدمه، قال المحقق الكركي: "... إذا عرفت ذلك فاعلم أنا إذا جوزنا التوكيل في هذا