والعموم، فالبحر أو النهر الطبيعي من الماء لا يملكه أحد ملكية خاصة، ويباح للجميع الانتفاع به، وإذا حاز الشخص منها كمية في أي ظرف، مهما كان نوعه ملك الكمية التي حازها، فلو اغترف من النهر بإناء أو سحب منه بآلة أو حفر حفيرة بشكل مشروع وأوصلها بالنهر أصبح الماء الذي غرفه الإناء أو سحبته الآلة أو اجتذبته الحفيرة ملكا له بالحيازة، وبدون العمل والحيازة لا يملك من الماء شيئا.
ثانيهما - المصادر المكنوزة في أعماق الطبيعة:
وهي التي يتوقف وصول الإنسان إليها على جهد وعمل، كمياه الآبار التي يحفرها الإنسان ليصل إلى ينابيع الماء.
وهذا القسم من المياه لا يختص به أحد ما لم يعمل للوصول إليه والحفر لأجل اكتشافه، فإذا اكتشفه إنسان بالعمل والحفر أصبح له حق في العين المكتشفة يجيز له الاستفادة منها، ويمنع الآخرين من مزاحمته، لأنه أحق بالعين من غيره، ويملك ما يتجدد من مائها، لأنه لون من ألوان الحيازة.
إذن يملك المحيي ماء النهر والبئر بعد حيازته لهما وجريان الماء في النهر أو اجتماعه في البئر.
هذا هو الرأي المشهور لدى الإمامية، وهناك رأي للشيخ الطوسي مفاده: أن إحراز الماء في نهر أو بئر أو ما شابه ذلك يفيد حق الأولوية، فإنه قال:
" الآبار على ثلاثة أضرب، ضرب يحفره في ملكه، وضرب يحفره في الموات ليملكها وضرب يحفره في الموات لا للتملك... - ثم بين أن حافر البئر يكون مالكا لها في القسمين الأولين، ثم قال بالنسبة إلى الماء الموجود فيهما -:
فإذا ثبت هذا، فالماء الذي يحصل في هذين الضربين هل يملك أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما أنه يملكه وهو الصحيح، والثاني أنه لا يملكه... - ثم بين بعض أحكام القسمين الأولين وأن الحافر في القسم الثالث لا يملك البئر - ثم قال:
فكل موضع قلنا إنه يملك البئر فإنه أحق من مائها بقدر حاجته لشربه وشرب ماشيته وسقي زروعه فإذا فضل بعد ذلك شئ وجب عليه بذله بلا عوض لمن احتاج إليه لشربه وشرب ماشيته من