وحين بلغ إلى خمس وثلاثين سنة سنه الشريف نال أعلى مراتب الاجتهاد وأجازه العلامة النائيني وغيره أحسن الإجازات ومما عبر به في إجازته المفصلة التي كتبها النائيني بخطه الشريف في شوال 1338 هجري المزينة بخطوط جمع من الأعاظم المراجع الكرام وتكون عندي قال:
" العالم العامل والتقي الفاضل العلم العلام والمهذب الهمام ذو القريحة القويمة والسليقة المستقيمة والنظر الصائب والفكر الثاقب عماد العلماء والصفوة الفقهاء الورع التقي والعدل الزكي جناب الآقا ميرزا مهدي الأصفهاني أدام الله تعالى تأييده وبلغه الأماني - إلى أن قال: - وحصل له قوة الاستنباط وبلغ رتبة الاجتهاد وجاز له العمل بما يستنبطه من الأحكام " - الخ.
وكان مشتغلا بتعلم الفلسفة المتعارفة وبلغ أعلى مراتبها قال: لم يطمئن قلبي بنيل الحقائق، ولم تسكن نفسي بدرك الدقائق، فعطفت وجه قلبي إلى مطالب أهل العرفان فذهبت إلى أستاذ العرفاء والسالكين السيد أحمد المعروف بالكربلائي في كربلاء وتلمذت عنده حتى نلت معرفة النفس وأعطاني ورقة أمضاها. وذكر اسمي مع جماعة بأنهم وصلوا إلى معرفة النفس وتخليتها من البدن، ومع ذلك لم تسكن نفسي إذ رأيت هذه الحقائق والدقائق التي سموها بذلك لا توافق ظواهر الكتاب وبيان العترة ولابد من التأويل والتوجيه.
ووجدت كلتا الطائفتين كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فطويت عنهما كشحا وتوجهت وتوسلت مجدا مكدا إلى مسجد السهلة في غير أوانه باكيا متضرعا متخشعا إلى صاحب العصر والزمان (عليه السلام) فبان لي الحق وظهر لي أمر الله ببركة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ووقع نظري في ورقة مكتوبة بخط جلي: طلب المعارف من غيرنا أو طلب الهداية من غيرنا (الشك مني) مساوق لإنكارنا، وعلى ظهرها مكتوب: أقامني الله وأنا الحجة ابن الحسن.
قال: فتبرأت من الفلسفة والعرفان وألقيت ما كتبت منهما في الشط ووجهت