أنفسهن لما خيرهن لبن منه، فأما غيره فلا يجوز له ذلك، وهو المروي (1) عن الصادق عليه السلام حيث قال: " وما للناس والخيار، وإن هذا شئ خص الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وآله " وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل منا بوقوعه طلاقا مع نيته واختيارها نفسها على الفور، فلو تأخر اختيارها لحظة لم يكن شيئا، والأكثر منا على خلاف قولهما، لقول الصادق عليه السلام (2): " أن تقول لها: أنت طالق ".
قلت: قد وردت عدة أخبار (3) من طرقنا في التخيير، وأنها تبين باختيارها، من غير فرق في ذلك بين النبي صلى الله عليه وآله وغيره، لكن حملها في محكي التهذيبين على التقية، لموافقتها مع اختلافها لمذاهب العامة، بل قد يظهر أيضا من عدة أخبار أخر أنه ليس من خواصه صلى الله عليه وآله البينونة باختيارهن، وإنما كان من خواصه صلى الله عليه وآله وجوب التخيير لهن، وأنه إن لم يخترنه يطلقهن، ففي خبر عيسى بن القاسم (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه، قال:
لا، إنما هذا شئ كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، أمر بذلك ففعل، ولو اخترن أنفسهن لطلقهن، وهو قول الله عز وجل: قل لأزواجك " إلى آخره وهو صريح فيما قلناه، بل في خبر محمد (5) " قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني سمعت أباك يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله خير نساءه فاخترن الله ورسوله، فلم يمسكهن على طلاق، ولو اخترن أنفسهن لبن، فقال: إن هذا حديث كان يرويه أبي عن عائشة، وما للناس والخيار، وإنما هذا شئ خص الله به رسوله " وفيه رد على ما سمعته من مالك، كما أنه قد علمت المراد من التخصيص فيه، بل منه يعلم الوجه في خبر الكناني (6) قال: " ذكر