" أسهر ليلي " لحزن الآخرة أو للاستعداد لها أو لجب عبادة الله ومناجاته " عجبا للمحب كيف ينام " والاستناد مجازي أي أسهرني في ليلي. وكذا " أظمأ هواجري " أي أظمأني عند الهاجرة وشدة الحر للصوم في الصيف. " عزفت نفسي عنه " أي زهدت فيه.
قال بعض المحققين: هذا التنوير الذي أشير إليه في الحديث إنما يحصل بزيادة الإيمان وشدة اليقين، فإنهما ينتهيان بصاحبهما إلى أن يطلع على حقائق الأشياء محسوساتها ومعقولاتها، فتنكشف له حجبها وأستارها، فيعرفها بعين اليقين على ما هي عليه، من غير وصمة ريب أو شائبة شك، فيطمئن لها قلبه، ويستريح بها روحه، وهذه هي الحكمة الحقيقية التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا. وإليها أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: " هجم بهم العلم على حقائق الأمور، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى ".
أراد (عليه السلام) بما استوعره المترفون يعني المتنعمون رفض الشهوات البدنية وقطع التعلقات الدنيوية وملازمة الصمت والسهر والجوع والمراقبة والاحتراز عما لا يعني ونحو ذلك، وإنما يتيسر ذلك بالتجافي عن دار الغرور والترقي إلى عالم النور، والانس بالله، والوحشة عما سواه، وصيرورة الهموم جميعا هما واحدا (1).
وذكرناه في رجالنا في ترجمة: الحارث بن مالك بن البرصا الليثي.
المحاسن: أبي رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبة له: أيها الناس سلوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية - إلى أن قال: - وكان علي بن الحسين (عليه السلام) يطيل القعود بعد المغرب يسأل الله اليقين (2).
مصباح الشريعة: قال الصادق (عليه السلام): اليقين يوصل العبد إلى كل حال سني