لأن يترك قتاله، بل كان يبذل ذلك غاية جهده إلى أن استشهد مع أنه كان يخبر بشهادته واستيلاء معاوية بعده على شيعته.
وكذا الحسين (عليه السلام) كان عالما بغدر أهل العراق به وأنه يستشهد هناك مع أولاده وأقاربه وأصحابه، ويخبر بذلك مرارا ولم يكن مكلفا بالعمل بهذا العلم بل كان مكلفا بالعمل بظاهر الأمر حيث بذلوا نصرتهم وكاتبوه وراسلوه ووعدوه البيعة وبايعوا مسلم بن عقيل (رضي الله عنه). إنتهى.
أقول: الكلام في القدرة كالكلام في العلم، فأقول: من شرائط التكليف وتنجزه القدرة والعلم بالمكلف به، وواضح أن المراد منهما لعامة المكلفين هو الحاصل من الأسباب المتعارفة العادية لا العلم والقدرة المفاضة من طريق الوحي والإلهام، كما هو واضح.
ومما يدل على ذلك ما في الوسائل باب قضاء صلاة الكسوف (1) من الرواية الدالة على أن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: انكسفت الشمس وأنا في الحمام، فعلمت بعدما خرجت فلم أقض. فإنه لم يعلم بالعلم العادي فلم يقض.
وما تقدم في " وضأ ": من توضية ولي العصر أباه العسكري (عليهما السلام) وضوء الصلاة حيث لم يقدر بنفسه أن يباشر ذلك. وتغسيل الغلمان مولانا الصادق (عليه السلام) في مرضه غسل الجنابة. وأكله بيضا فأخبره الغلام بأن فيه ما فيه، فقائه. وقوله لأبي بصير في دم الدمل: لست أغسل ثوبي حتى يبرأ. وقوله كما في التهذيب (2): ما أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لم أعلم.
وقضايا شكايات الناس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من جور الحكام، فإنه عند بلوغها يتأثر، ويقول ما يقول، ويأمر بالعزل، وقبل البلوغ كان كأنه لم يعلم.
ومثل إعلام الأعرابي للحسين (عليه السلام) بشهادة مسلم، فلما أعلمه تأثر وأظهر ما أظهر.
ومثل تأثر الإمام الصادق (عليه السلام) عند بلوغه شهادة عمه زيد، وقوله في رواية