وقال أحمد: إذا كبر وعظم - كبغداد والبصرة - جاز أن تقام فيه جمعتان وأكثر مع الحاجة، ولا يجوز مع عدمها، فإن حصل الغنى باثنتين لم تجز الثالثة، وكذا ما زاد دفعا للمشقة (1). وهي مشقة يسيرة فلا يكون عذرا.
وقال داود وعطاء: يجوز أن يصلوا الجمعة في مساجدهم كما يصلون سائر الصلوات (2)، لأن عمر كتب إلى أبي هريرة بالبحرين أن جمعوا حيث كنتم (3).
وليس حجة، ويحتمل: في أي بلد كنتم.
واعتذر أصحاب الشافعي له - لما دخل بغداد وفيها جامع المنصور وجامع المهدي -: بكبره فحصلت المشقة - وهو مصير إلى قول أحمد - أو بأنها كانت قرى متفرقة فاتصلت العمارة، أو بأنها ذات جانبين فصارت كالبلدين - وهو قول أبي يوسف (4) - أو لأنها اجتهادية ولا يجوز التقليد (5).
مسألة 402: لو صليت جمعتان بينهما أقل من فرسخ، فالأقسام خمسة:
أ: أن تسبق إحداهما الأخرى وتعلم السابقة، فهي الصحيحة إن كان الإمام الراتب فيها إجماعا.
وإن كان في الثانية، فكذلك عندنا، لأن السابقة انعقدت صحيحة، لحصول الشرائط وانتفاء الموانع، فلم يتقدمها ما يفسدها، ولا تفسد بعد صحتها بما بعدها، فلا تفسد بعقد الثانية. وهو أشهر قولي الشافعي.
والثاني: أن الصحيحة التي فيها الإمام، لأن الحكم ببطلان جمعة