إجماعا، لوجود المقتضي، وهو: سلوك المسافة.
وإن لم يكن له غرض سوى الترخص، أيضا عندنا - وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين، والمزني (1) - لأنه سفر مباح، فيترخص فيه، كما لو كان له فيه غرض.
والآخر للشافعي: المنع واختاره أبو إسحاق - لأنه طول الطريق على نفسه لا لغرض سوى الترخص، فأشبه ما إذا مشي في المسافة القصيرة يمينا وشمالا حتى طال سفره (2).
ومنعوا الإباحة، لقوله عليه السلام: (إن الله تعالى يبغض المشائين من غير إرب) (3).
والفرق ظاهر، فإن قاصد الأبعد قصد مسافة، بخلاف الماشي يمينا وشمالا، والإرب موجود، وهو: الترخص المباح.
تذنيب: إذا سلك الأبعد، قصر فيه وفي البلد وفي الرجوع وإن كان بالأقرب، لأنه مسافر، وإنما يخرج عن السفر بالعود إلى وطنه أو حكمه.
ولو سلك الأقصر، أتم في طريقه والبلد وإن قصد الرجوع بالأبعد، لأنه لم يقصد أولا مسافة، والقصد الثاني لا حكم له قبل الشروع فيه.
نعم يقصر في الرجوع بالأبعد، لوجود المقتضي، وهو: المسافة.
مسألة 622: لا قصر مع انتفاء القصد، فالهائم لا يترخص، وكذا طالب الآبق وشبهه، لأن الشرط عزم قطع المسافة في الابتداء، وطالب الآبق والغريم لم يقصد المسافة، بل متى ظفر رجع وهو لا يعرف موضعهما.